ريحَ الشّمالِ أين الشدى؟
عَزَّ المنالُ وحُمَّ القضَا
لُذْتُ باليَمِّ فلم أجدْ
غيْرَ سِوارِكِ يلفُّ المدى
يَخْنُقُ الموجَ بكفِّهِ
يرمي السَّفينَ بسَهْم الرَّدى
يرْمُقُ الشَّمسَ وقد بَدَتْ
وَجْلى تَسْتَنْجِدُ الأَبْعَدَ
تَتْرُكُ البحرَ مَغِيضًا غَدَا
أحْمَرَ السَّطْحِ كجَمْرِ اللَّظَى
فصِحْتُ بِهِ مُسْتَنْكِرًا
صًمْتًا رَهِيبًا تَمَدَّدَ
أَحْتِقَانٌ لِفِرَاقِ حَبيبٍ
أَمْ نَزِيفٌ تَرَكَتْهُ العِدَى؟
أَمْ دَمَيَ الَّذِي أراهُ وَمَا
أنت سوى رَجْعِ الصَّدَى؟
قد يكونُ الموتُ أَهْوَنَ
مُصاحِبًا لُجَّكَ مَا اغْتَدَى
طَائِرُ النَّوْرَسِ حَزينًا
يَضُمُّ بجناحَيْهِ الفَضَا
يُعْلِنُ تَبَرُّمَهُ لِلْمَوْجِ
والموجُ سادِرٌ لا يَرُدُّ النِّدَا
يا مَوْجُ أَيُرْضِيكَ تَغَرُّبِي
أَيُرْضيكَ أَنْ أَكونَ مُشَرَّدًا
عِيلَ صَبْرِي مِنْ قَوْلِهِمْ غَدَا
يُفَكُّ القَيْدُإِنْ أَسْلَمْتَ اليَدَ
فَجَعَلْتُ البَحْرَ مَطِيَّتِي
وبلادَ الرُّومِ لِي مَقْصَدَا
هُناكَ رَقيبٌ وهنا حبيبٌ
أَتْرُكُهُ مَهيضَ القَلْبِ مُقَيَّدَ
كَأَنَّ اليَمَّ بِأَنْوَائِهِ
هَالَهُ اغْتِرَابِي فَهَدَّدَ
أَرْغَى واحْتَدَّ وَأَرْعَدَ
والنَّجْمُ في عَلْيَائِهِ تَنَهَّدَ
يَرْنُو لِلْفُلْكِ وَهْوَ وَاجِمٌ
وَوَجْهُ اللَّيْلِ بَدَا أَجْرَدَ
مَا لِعَيْنِي تَرِفُّ تَوَجُّسًا
مَا لِقَلْبِي إِنْ أَسْكَتُّهُ تَمَرَّدَ
نُوتِيُ أَوْقِدْ سِرَاجَكَ
لَسْتُ أَرَى لِخَبْطِكَ مَنْفَذَا
اِهْتَزَّ الفُلْكُ بِنَا مُرْتَعِشًا
فَرَمَانَا هَشيمًا مُبَدَّدَا
أَغُوصُ فَأَرَى وَجْهَكِ مُلْتَمِعًا
أَهْفُو فَإِذَا البَرِيقُتَرَمَّدَ
أَطْفُو فَإِذَا المَوْجُ مُبْتَسِمٌ
عَنْ نَابٍ كَأَنَّهَ المُهَنَّدَ
صَاحٍ أَمَوَتٌ مَا نَرَاهُ؟ᴉ
فَكَيْفَ لِي أَنْ أَقْوَى وَأَتَجَلَّدَ
كَيْفَ لِي أَنْ أَصُدَّ هَوَاجِسِي
وَوَجْهَ الحَبِيبِ لَنْ أَرَاهُ غَدَا
هُدَى أَغِيبُ وَالنَّدَى
يَشُقُّ التُّرْبَ وَيُلاَمِسُ القَذَا
سَأَحْيَى وَإِنْ لَفَّنِي الرَّدَى
لِأُعْلِنَ الحَرْبَعَلَى مَنْ شَدَا
الأَزْرَقُ لِلْبَحْرِ وَالبَحْرُ فِي عَيْنَيْكِ مَدَى